🔲 التقادم المكسب سبب مستقل لكسب الملكية.
↩ نصت المادة ٩٦٨ من القانون المدني علي أن « من حاز منقولا أو عقارا دون أن يكون مالكا له، أو حاز حقا عينيا علي منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصا به، كان له أن يكسب ملكية الشئ أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة » ومؤدي هذه المادة أن التقادم المكسب سبب مباشر لكسب الملكية، فإذا كان الحائز غير مالك للعين وخلوها مدة خمس عشرة سنة في التقادم الطويل المكسب أو خمس سنوات في التقادم المكسب القصير، واستند إلي التقادم فإن ملكية العين تنتقل إليه من الشخص الذي يملكها عند بدء الحيازة، وهذا أيضا ما أكدته المادة ٩٦٩ مدني في التقادم القصير بنصها علي أنه « إذا وقعت الحيازة علي عقار أو علي حق عيني عقاري وكانت مقترنة بحسن النية ومساندة في الوقت ذاته إلي سبب صحيح فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات » وكانت محكمة النقض في أحكامها القديمة تنادي بالرأي العكسي ورددت في بعض أحكامها أن التقادم قرينة قانونية قاطعة علي الملك إلا أنها هجرت هذا الرأي واستقرت في أحكامها المتواترة علي أن التقادم سبب لكسب الملكية.
📌 ووسيلة الحائز للتمسك بكسب الملكية بالتقادم أما عن طريق الدفع وإما عن طريق الدعوي، فإذا أقام عليه المالك دعوي الاستحقاق فإنه يستطيع أن يواجه هذه الدعوي بالدفع بأنه اكتسب ملكية العين بالتقادم فإذا أفلح في إثبات ذلك قضت المحكمة برفض دعوي المالك السابق، أما إذا خرجت العين من حيازة من اكتسب ملكيتها بالتقادم فإنه يحق له أن يرفع دعوي الاستحقاق علي الحائز وأن يؤسسها علي أنه تملك العين بالتقادم المكسب فإذا نجح في إثبات ذلك قضت اه المحكمة بطلباته، ويكون تمسكه بالتقادم في هذه الحالة عن طريق الدعوي. وغني عن البيان أن الحيازة واقعة مادية يجوز إثباتها بطرق الإثبات كافة ومن بينها شهادة الشهود وقراپن الاحوال، ويجري قضاء المحاكم علي الاستعانة بخبير لتحقيق عناصر الدعوي.
📌ومما هو جدير بالذكر أن الشريعة الإسلامية لا تعرف  إلا التقادم المسقط دون التقادم المكسب، فإذا رفع المالك دعوي الاستحقاق علي الحائز الذي كسب ملكية العقار بالتقادم جاز له أن يدفعها بعدم جواز سمعها لمرور الزمن، غير أنه لا يستطيع إذا خرجت العين من حيازته أن يقيم هو دعوي الاستحقاق علي الحائز الجديد.
🔲 الأثر الرجعي لاكتساب الملكية بالتقادم.
↩ من المقرر أنه يترتب علي كسب الحائز ملكية العين بالتقادم أن تنتقل ملكيتها لا من الوقت الذي اكتملت فيه مدة التقادم أو من وقت التمسك بالتقادم فحسب بل تنتقل إليه بأثر رجعي من الوقت الذي بدأت فيه الحيازة.
↩ويترتب علي ذلك أن الحائز الذي كسب ملكيتها بالتقادم يعتبر أنه قد تملكها من وقت أن وضع يده عليها وأن ملكيته لها قد استمرت فترة التقادم.
↩ والاكثر الرجعي التقادم يقتضيه هذا النظام الذي يهدف إلي حماية الأوضاع المستقرة التي بدأت في الاستقرار منذ بداية سريان التقادم، وهو الوقت الذي ظهر فيه حائز العين بمظهر المالك وتعامل فيها تعامل الملاك كما إذا أجرها أو قبض ثمارها أو أدارها أو رتب عليها حقوقا للغير كحق الرهن... الخ، وقد ساهم كل ذلك في اطمئنان الناس الي هذه الأوضاع المستقرة التي مضت عليها فترة طويلة.
🔲 الأثر الرجعي للتقادم يترتب عليه ثلاث نتائج في غاية الأهمية.
1⃣ أن الحائز لا يلتزم برد ثمار العين التي تملكها بالتقادم حتي لو لم يمتلك هذه الثمار استقلالا بالقبض أو بالتقادم وحتي لو كان سئ النية ولم يمض علي قبضه لها خمس عشرة سنة وذلك تأسيسا علي أن الحائز اعتبر مالكا منذ بدء سريان التقادم وبالتالي تكون في ملكه وقت أن أنتجت الثمار.
2⃣ عدم سريان الحقوق العينية التبعية التي رتبها المالك الأصلي علي العقار خلال مدة التقادم أعمالا للأثر الرجعي للتقادم، وأية ذلك أن الحائز وقد اعتبر مالكا للعين من وقت بدء سريان التقادم فإن لازم ذلك أن العين كانت في ملكه وقت أن رتب هذا الحق فإذا باع المالك العين إلا أن الحائز استمر في حيازته لها ولم ينقطع التقادم إلي أن اكتملت مدته فإن الحائز يعتبر مالكا للعين من بدء الحيازة وبالتالي لا يسري في حقه البيع إذ يعتبر أنه صدر من غير مالك، وتنتج الحيازة أثرها في حق المالك وفي حق المشتري منه، ولا يكون الحائز ملزما ببدء حيازة جديدة في حق المشتري من المالك، إذ تكفيه الحيازة القديمة مادام أنها لم تنقطع، وفي حالة ما إذا كان المالك قد رهن العقار فإن هذا الرهن لا يسري في حق الحائز، أما الحقوق العينية التي رتبها المالك قبل أن يبدأ التقادم في السريان فإنها تسري في مواجهة الحائز بعد أن يتملك العين بالتقادم لأنه تملك الحائز للعقار بالتقادم لا يستتبع انقضاء الرهن بل يبقي قائما حتى يزول بسبب من أسباب إنقضائه كالوفاء بقيمة الدين المضمون به، غير أنه يستثني من ذلك الحقوق التي انقضت بالتقادم المسقط أو انتقلت إلي الحائز بالتقادم المكسب مستقلة عن حق الملكية.
⬅ولا جدال في أن ما يسري علي الرهن يسري علي جميع الحقوق العينية التبعية كحق الاختصاص وحقوق الامتياز.
↩ويدق البحث إذا قرر المالك قبل بدء سريان التقادم حقوقا عينية أصلية علي العين، كحق الانتفاع أو حق الارتفاق، فإذا لم يستعمل المنتفع أو صاحب العقار المرتفق حق الانتفاع أو حق الارتفاق مدة التقادم الطويل خمس عشرة سنة فإن الحائز يكسب ملكية العين خالية من حق الانتفاع أو حق الارتفاق، لأنه كيب الملكية بالتقادم الطويل، وفي الوقت نفسه فإن حق الانتفاع أو الارتفاق قد يكون قد سقط بالتقادم المسقط.
↩ومما هو جدير بالذكر أن التقادم المسقط هنا يكتمل مستقلا عن التقادم المكسب مع أن مدتهما واحدة، ذلك أنه قد يحدث لأحدهما سبب للوقف أو الانقطاع لا يعترض التقادم الاخر، وكما يسقط حق الانتفاع بالتقادم المسقط، فإنه يجوز كذلك كسبه بالتقادم المكسب إذا وضع الحائز يده علي العين باعتبارها خالية من حق الانتفاع، وبالتالي يكون قد حاز كلا من الرقبة وحق الانتفاع وتملك كلاهما بالتقادم المكسب الطويل علي خلاف حق الدائن المرتهن فيرد عليه عدم الاستعمال أو التقادم المسقط فقط، فيسقط به.
↩وفي حالة ما إذا كان الحائز يستند في حيازته إلي سبب اقتران بحسن النية، فإنه بعد خمس سنوات وهي مدة التقادم القصير مالكا للعقار، إلا أن العقار يبقي مثلا بحق الارتفاق أو بحق الانتفاع لأن أيهما لم يسقط بعدم الاستعمال، فير أنه يجوز له أن يتملك الحائز بالتقادم القصير حق الانتفاع إذا حاز العقار باعتباره غير مثقل بهذا الحق، أما حق الارتفاق في هذا الفرض فلا يرد عليه إلا عدم الاستعمال أو التقادم المسقط ومدته خمس عشرة سنة.
↩وفي حالة ما إذا كسب الحائز حق الانتفاع بالتقادم القصير، فإنه يكسبه مستقلا عن حق الرقبة، مع أن مدة التقادم القصير في كل منهما واحدة، ذلك أنه قد يحدث سبب يوقف أو يقطع تقادم حق الانتفاع ولا يحدث لحق الرقبة ما يؤدي لوقفه أو قطعه، وقد يعترض تقادم الرقبة سبب للوقف أو الانقطاع ولا يعترض تقادم حق الانتفاع.
3⃣ والنتيجة الثالثة للأثر الرجعي التقادم هي نفاذ الحقوق العينية التي رتبها الحائز علي العقار خلال مدة التقادم وصيرورتها باتة ذلك أن الحق العيني وقد رتبه الحائز في خلال مدة التقادم، فإنه طبقا للقواعد العامة يعتبر صدر من غير مالك حتي بعد اكتمال مدة التقادم لو لم يكن التقادم الأثر الرجعي، إلا أن تطبيق الأثر الرجعي ترتب عليه اعتبار الحائز مالكا لها من وقت بدء سريان التقادم، وبالتالي مالكا لها وقت أن أثقلت بالحق العيني، ومن ثم يصبح هذا الحق نافذا وباتا.
        الأستاذة رانيا عزت القلوعي للمحاماه والإستشارات القانونية