القضية رقم 191 سنة 21 القضائية
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.
تقادم. تقادم خمسى. شرط التمسك بكسب الملك بالتقادم الخمسى. أن يكون التصرف صادرا من غير مالك.
لا يجوز التمسك بكسب ملكية الحق بالتقادم الخمسى مع السبب الصحيح وحسن النية إلا إذا كان التصرف صادرا من غير مالك، فإذا كان المتصرف إليه قد تلقى الحق من المالك فلا يجديه التمسك بهذا السبب.

المحكمة 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليهم أقاموا على الطاعن الدعوى رقم 219 لسنة 1946 مدنى شربين وطلبوا الحكم بتثبيت ملكيتهم لحق ارتفاق الرى من جميع المسقاة المبينة بصحيفة الدعوى المعلنة فى 21/ 10/ 1945 وبالزام الطاعن بإعادة المسقاة إلى حالتها بمصروفات يرجعون بها عليه وبكف منازعته لهم فى الانتفاع بها وتثبيت ملكيتهم لنصفها على الشيوع وبالزامه بالمصروفات وأتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وأسس المدعون دعواهم على أنهم يمتلكون الأطيان التى تجاورها المسقاة من الجهة البحرية وذلك بشرائهم تلك الأطيان من شركة مساهمة البحيرة بعقد مسجل فى 27/ 5/ 1937 وأنهم من هذا التاريخ ظلوا ينتفعون بالمسقاة فى رى أرضهم إلى أن قطع الطاعن جسورها وحولها إلى مصرف يستعمله فى صرف مياه أطيانه التى اشتراها من نفس الشركة بعقد رسمى فى 27/ 1/ 1941 ومسجل فى 16/ 3/ 1946. ودفع الطاعن الدعوى بأنه لا ينازع المطعون عليهم فى ملكيتهم لنصف المجرى وإنما لا يوافقهم على أنها مخصصة للرى لأنها خصصت واستعملت للصرف من خمس عشرة سنة قبل شراء أرض المطعون عليهم وأن عقدهم وإن كان قد ذكر به أن المجرى للرى فما ذلك إلا لأن الشركة البائعة تبيع أرضها وفقا لما هو ثابت بخرائطها دون الرجوع إلى الطبيعة والتحرى عن حقيقة الحال. وبعد أن ضمت الشكوى رقم 449 لسنة 1945 إدارى بلقاس التى حصل فيها التحقيق عن موضوع النزاع بين الطرفين طلب الطاعن إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات أن المجرى مستعملة كمصرف وعارض المطعون عليهم فى هذا الطلب لأنه ثابت من عقدهم أن أرض الطرفين تروى من مسقاة بينهما وليس فى العقد ما يدل على وجود مصرف. وفى 27/ 4/ 1946 قضت المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت الطاعن تاريخ تحويل المجرى إلى مصرف وكيف تم هذا التحويل وهل كان ذلك برضاء المالكين أم أن أحدا معينا قام به من تلقاء نفسه ولينفى المطعون عليهم ما كلف الطاعن باثباته. وبعد أن سمعت أقوال شهود الطاعن إذ لم يستدع المطعون عليهم شهودهم مكتفين بما ورد بعقد شرائهم قدم الطاعن إلى المحكمة مذكرة مودعة صورتها الرسمية ضمن أوراق الطعن قال فيها إنه فضلا عن أن مدة وضع يده على المصرف كانت لأكثر من خمس عشرة سنة فانه كسب ملكية حق الارتفاق بالصرف بوضع يده من مدة خمس سنوات بالسبب الصحيح وحسن النية. وفى 5 من أبريل سنة 1947 قضت المحكمة بالطلب المعترف به من الطاعن وبتثبيت ملكية المطعون عليهم إلى النصف مشاعا فى المجرى المبينة بصحيفة الدعوى مع إلزامهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات تأسيسا على ما قرره شاهدا الطاعن وهما شيخا البلدة سعيد المنسى وحماد زيدان من أن المجرى استعملت كمصرف من نحو خمس عشرة سنة وعلى أن ما ورد بعقد المطعون عليهم المسجل فى 27/ 5/ 1937 لم تراع فيه الشركة البائعة الدقة فى تسمية المجرى عندما سميت ترعة. استأنف المطعون عليهم وقيد استئنافهم برقم 584 لسنة 1947 مدنى مستأنف محكمة المنصورة الابتدائية التى قضت فى 25/ 1/ 1948 بندب خبير للانتقال لمحل النزاع لمعاينة المجرى وتطبيق ما ورد فى عقدى شراء الطرفين ومستنداتهما على الطبيعة ثم الانتقال لمقر شركة البحيرة للاطلاع على خرائطها المفصلة الخاصة بالمجرى وبيان ما إذا كانت موصوفة فى خرائط الشركة باعتبار أنها مسقاة أو مصرف وان كانت فى الأصل مسقاة فعلى الخبير بيان تاريخ تحويلها إلى مصرف وله أن ينتقل إلى مصلحة المساحة للتحقق مما طلبته المحكمة إن رأى لزوما لذلك وله سماع أقوال الخصوم ومن يرى أخذ أقواله بلا يمين. وقدم الخبير تقريرا مودعة صورته الرسمية ضمن أوراق الطعن ذهب فيه إلى أنه بمشاهدة المجرى على الطبيعة اتضح له وقتئذ أنها ليست مسقاة بل هى مصرف عرضه متران ويفصل أرض الطرفين وتقع فى الجهة البحرية منه أرض الطاعن وفى الجهة القبلية منه توجد أرض المطعون عليهم وتروى من ترعة تقع فى الغرب كما تروى من مسقاة تقع فى الجهة القبلية وتأخذ مياهها من ساقية مركبة على الترعة الغربية وإنه بالإطلاع على خريطة الشركة البائعة وعقد شراء المطعون عليهم منها اتضح أن الحد البحرى لأطيانهم هو الطلب رقم 3013 وفاصل ترعة لها جسران ونزازان "أى قناتان للرشح" وهذا معناه أن المجرى كانت أصلا ترعة ذات جسرين ونزازين مجاورين لها من بحرى ومن قبلى وقد أزيلت تلك المعالم وحل محلها المصرف الحالى وأنه لم يصل فى تحقيقه إلى إثبات تاريخ تحويل الترعة إلى مصرف ومن الذى قام بهذا التغيير ولم يمكن استقاء أى معلومات من شركة المساهمة فى هذا الخصوص وأنه ليس من داع للانتقال لمصلحة المساحة للتحقيق لأن عملها لا يستلزم إثبات وجود المصارف والمراوى الخاصة التى للملاك. وفى 31 من ديسمبر سنة 1950 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون عليهم إلى حق الرى فى جميع المسقاة المبينة بصحيفة الدعوى وبإلزام الطاعن بإعادتها إلى حالتها الأصلية فى مدى شهرين من تاريخ إعلانه... فقرر الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على خمسة أسباب ينعى الطاعن فى الأول منها على الحكم المطعون فيه خطأه فى الإسناد وقصوره فى التسبيب ووجه الخطأ فى الإسناد أنه جاء بأسبابه أن الطاعن لم ينازع أمام محكمة أول درجة فى أن أصل المصرف كما هو مبين فى عقد شراء المطعون عليهم وخرائط الشركة البائعة كان مسقاة ولكنه دفع بأن وصفها كمسقاة قد انقضى بعدم استعمالها مما خصصت له من أجله مدة خمس عشرة سنة مع أن هذا الذى قرره الحكم لا سند له فى دفاع الطاعن إذ قال أمام محكمة أول درجة بجلستى 22/ 12/ 1945، 26/ 1/ 1946 ومذكرته المقدمة للمحكمة المذكورة والمودعة صورة كل منها الرسمية ضمن أوراق الطعن إن المصرف موجود من يوم إنشائه حتى الآن وأنه توجد قناتان متجاورتان إحداهما مرتفعة وهى مجرى للرى والثانية منخفضة وهى المصرف موضوع النزاع كما قال فى مذكرته أنه وجد المجرى المتنازع عليها مصرفا ولم يغير أو يبدل فيه وكل هذا يدل على أنه قال إن المجرى كانت من الأصل مصرفا لا مسقاة كما قال الحكم المطعون فيه - وأما وجه القصور فإن الحكم المطعون فيه لم يرد على دفاع الطاعن بأنه وجد المصرف على حالته.
ومن حيث إن هذا السبب مردود فى وجهه الأول بأن الحكم المطعون فيه لم يؤسس قضاءه على القول بعدم منازعة الطاعن فى أن أصل المصرف كان مسقاة بل أقام قضاءه على ما استخلصه من عقد شراء المطعون عليهم أرضهم من شركة مساهمة البحيرة بالعقد المسجل فى 27/ 5/ 1937 ومن كشف تحديد الأطيان المبينة، ومن كشف تحديد عقد الطاعن الرسمى المحرر فى 27/ 4/ 1941 ومن خرائط الشركة ومن تقرير الخبير وكلها ثابت بها أن أطيان المطعون عليهم وقت شرائهم كانت تجاورها من الجهة البحرية ترعة ثم تلى ذلك أرض الطاعن التى قدم عنها الطلب رقم 3013 مما يدل على أن المجرى كانت أصلها مسقاة لا مصرف وهذا الذى أورده الحكم لا خطأ فيه فى الاسناد وأما ما ينعاه الطاعن على الحكم قوله إن المستأنف عليه "الطاعن" لم ينازع فى أن أصل المصرف كما هو مبين فى عقد شراء المطعون عليهم وخرائط الشركة كان مسقاة فلا يحمل إلا على أن الطاعن لم ينكر ما تضمنته مستندات المطعون عليهم. ومردود فى وجهه الثانى بأن ما قرره الحكم المطعون فيه يكفى لحمله ويتضمن الرد على دفاع الطاعن بأنه وجد المصرف بحالته.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون إذ كلف الطاعن باثبات أنه استعمل المجرى كمصرف مدة خمس عشرة سنة مع أنه كان لزاما على الحكم أن يكلف المطعون عليهم باثبات استعمالهم المجرى للرى هم ومن قبلهم خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة لأنه ثبت من معاينة الخبير على الطبيعة أن المجرى وقت المعاينة كانت مصرفا لا مروى غير أن المحكمة مع عجز المطعون عليهم عن أن يثبتوا تخصيصهم بحق ارتفاق الرى نقلت عبء الاثبات من عليهم إلى الطاعن - كما أن الحكم المطعون فيه شابه القصور إذ لم يرد على ما قررته محكمة أول درجة من أن عقد شراء المطعون عليهم من شركة المساهمة لم يراع فيه الدقة من حيث تسمية المجرى ترعة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود فى وجهه الأول بأن الطاعن هو الذى طلب إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات أنه استعمل المجرى مصرفا لمدة خمس عشرة سنة ولم يؤسس الحكم قضاءه على ما شهد به شهود الطاعن الذين لم يصدقهم وإنما أسس قضاءه كما سبق بيانه على أدلة أخرى سائغة استقام بها بعد أن استخلص منها فى حدود سلطته الموضوعية أن المطعون عليهم لم يسقط حقهم فى استعمال المروى مدة الخمس عشرة سنة المسقطة لحق الارتفاق ومردود فى وجهه الثانى بأن ما قررته محكمة ثانى درجة عن دلالة مستندات المطعون عليهم والطاعن فى مجموعها يتضمن وجود ترعة فى الجهة البحرية من أطيانهم وفى الجهة القبلية من أرض الطاعن فيه الرد الكافى على ما قررته محكمة أول درجة من أن عقد شراء المطعون عليهم المسجل فى 27/ 5/ 1937 لم تراع فيه الدقة.
ومن حيث إن الطاعن ينعى فى السبب الثالث على الحكم المطعون فيه قصوره فى التسبيب ذلك أنه ورد بأسبابه أن شاهدى الإثبات منسى سعيد وحماد زيدان قرر أنهما يعرفان أن المجرى مخصصة كمصرف منذ أن اشترى الطاعن أطيانه وحدد منسى مدة استعمال المصرف بعشر سنوات وحددها حماد بمدة عشر سنوات أو خمس عشرة سنة مع أن حماد كما هو ظاهر من أقواله فى محضر التحقيق المودعة صورته الرسمية ضمن أوراق الطعن قرر أن المجرى هى مصرف لأنه ليس لها فتحة ولما سئل متى بدأ استعمالها للصرف أجاب من وقت أن رآها وهى فى يد الطاعن ولم يربط واقعة وضع يده على المصرف بتاريخ شراء الأطيان ومع أن منسى قرر أنه لا يعرف متى تملك الطاعن أرضه ثم عاد وقال أن الطاعن اشتراها من خمس عشرة سنة وقد سردت المحكمة أقوال منسى على أنه أدلى بالشق الثانى منها دون ذكر للشق الأول من شهادته ولم تناقشه فى تلك الشهادة. ولم تبحث دفاع الطاعن الذى تمسك به أمام محكمة أول درجة بمحضر جلسة 26/ 1/ 1946 من أنه كان واضعا يده على المصرف من سنة 1927.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه وهو بسبيل سرد أقوال الشاهدين منسى وحماد جاء به أنهما قالا إنهما يعرفان أن المجرى مخصصة كمصرف وحدد منسى مدة التخصيص بخمسة عشر عاما وحددها حماد بعشر سنوات أو بخمس عشرة سنة وهو ما جاء بمحضر التحقيق الذى أجرته محكمة أول درجة ثم عقب الحكم المطعون فيه على ذلك بأنه لا يثق بأقوال الشاهدين لما ثبت من المستندات السابق الإشارة إليها ومن تقرير الخبير أن المجرى كانت مخصصة كترعة لرى أطيان الطرفين من تاريخ عقد شراء المطعون عليهم ولما ثبت من أنه على فرض أن الطاعن وضع يده على الأرض التى اشتراها مجاوره لأرض المطعون عليهم وبينهما المجرى منذ أن صدرت موافقة الشركة على طلب شرائه فى 11/ 11/ 1933 فإن المدة المسقطة لحق ارتفاق المطعون عليهم لا تكون قد انقضت فضلا عن أنه ثبت من الشكوى رقم 449 لسنة 1945 إدارى بلقاس أن الطاعن قرر أنه استعمل المجرى كمصرف منذ اثنتى عشرة سنة فقط. وهذا الذى أقام عليه الحكم قضاءه هو استخلاص موضوعى سائغ لا خطأ ولا قصور فيه ويستقيم به قضاؤه دون حاجة إلى أن تناقش المحكمة أقوال الشهود ما دامت قد كونت عقيدتها من مستندات الدعوى بما يغنى عن هذه المناقشة ودون حاجة إلى أن ترد على أقوال الطاعن فيما قرره من أنه وضع يده على أرضه من سنة 1927 ما دامت المحكمة قد اقتنعت أنه لم يقدم الدليل على ما ادعاه.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه لم يرد على ما تمسك به الطاعن فى مراحل الدعوى من أنه قام الدليل على قبول المطعون عليهم ورضائهم بالمصرف بوضعه الحالى وذلك لإقامتهم مروى يروون منها أرضهم منذ زمن بعيد بجوار المجرى المتنازع عليها كما ثبت ذلك من تقرير الخبير وأقوال الشهود بمحضر تحقيق البوليس.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن ما أقام عليه الحكم قضاءه بأن المطعون عليهم لم يسقط حقهم فى استعمال المروى التى بين أرض الطرفين لعدم مضى خمس عشرة سنة من تاريخ شرائهم أرضهم فى سنة 1937 ومن قبول الطاعن لشرائه أرضه فى سنة 1933 فيه ما يكفى لحمله وفيه الرد الضمنى على ما أثاره الطاعن بسبب نعيه والمحكمة بعد غير ملزمة بتعقب الخصوم فى جميع مناحى أقوالهم وتفنيد كل حججهم.
ومن حيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن الطاعن قال بمذكرته أمام محكمة ثانى درجة أن الأوضاع لم تتغير عما كانت عليه أمام محكمة أول درجة مما يستفاد منه أنه تمسك بدفوعه التى سبق أن أبداها أمام محكمة أول درجة وكان من دفوعه أنه على أسوأ الفروض قد كسب قبل رفع الدعوى فى 21/ 10/ 1945 حق الارتفاق بوضع يده عليه خمس سنوات بالسبب الصحيح وحسن النية غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن ما أثاره الطاعن فى سبب النعى غير منتج ذلك أن الدفع بكسب ملكية الحق بوضع اليد عليه بالتقادم الخمسى وضع يد مستوفيا شرائطه مع السبب الصحيح وحسن النية عملا بالمادة 76 من القانون المدنى القديم المنطبق على واقعة الدعوى لا يجوز التحدى به إلا إذا كان التصرف صادرا من غير مالك، ومن ثم يكون غير مجد للطاعن التمسك بهذا الدفع لأنه تلقى الحق فى ملكية نصف المجرى وحق الارتفاق من شركة مساهمة البحيرة المالكة البائعة لنفس المطعون عليهم الحق المتنازع عليه مما ينتفى معه القول بالتمسك بكسب الملكية بالتقادم الخمسى للسبب الصحيح وحسن النية.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن فى غير محله ومن ثم يتعين رفضه.

أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 6 - صـ 226

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1954
(29)
القضية رقم 263 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمود عياد ومحمد أمين زكى المستشارين.
تقادم. تقادم خمسى. حسن النية. تعريفه. مثال.
حسن النية الذى يقتضيه التملك بالتقادم الخمسى هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقادا سليما تاما حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه فإن شاب هذا الاعتقاد أدنى شك امتنع حسن النية. وإذن فمتى كان الحكم قد استدل على نفى حسن نية مدعى التملك بالتقادم الخمسى بقرينتين أولهما صلة البنوة بينه وبين من باع إليه الأطيان التى كانت فى الحقيقة مرهونة لهذا البائع والثانية أن هذه الأطيان لم تكن فى وضع يد هذا البائع أو المرتهن بل استمرت فى وضع يد البائع وفائيا حتى وفاته، وكان من شأن هاتين القرينتين أن تفيدا قيام الشك لدى المتمسك بالتقادم الخمسى وقت صدور البيع إليه من والده فى ملكية هذا البائع مما ينتفى معه حسن النية كما قرر الحكم، ولما كان هذا التقرير مما يستقل به قاضى الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض طالما كان استخلاصه سائغا. لما كان ذلك فإنه يكون على غير أساس النعى على الحكم فى هذا الخصوص بالقصور أو مخالفة القانون.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار ومرافعة المحامى عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 168 سنة 1947 مدنى كلى المنيا على الطاعن وعلى باقى إخوته الذين لم يختصموا فى الطعن وطلبت فيها الحكم بثبوت ملكيتها إلى ثلاثة أفدنة مبينة حدودها ومعالمها بصحيفة افتتاح الدعوى قائلة إن ملكية هذه الأطيان قد آلت إليها بالميراث عن مورثها المرحوم أمين أبو زيد على الذى كان قد تملكها بوضع اليد المدة الطويلة المكسب للملكية - وفى 5 من يونيه سنة 1947 حكمت محكمة الدرجة الأولى تمهيديا بإحالة الدعوى على التحقيق لتثبت المطعون عليها بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة أنها هى ومورثها من قبلها وضعا اليد على الأطيان المذكورة وضع يد قانونى هادئ مستمر ظاهر بقصد التملك المدة الطويلة وبعد سماع أقوال شهود الطرفين حكمت للمطعون عليها بطلباتها فى 29 من أبريل سنة 1948 مؤسسة حكمها على ما يلى: أولا - أن التحقيق كشف عن واقعة هامة هى أن الأطيان المشار إليها كانت ملكا خالصا لمورث المطعون عليها. وفى 16 من أكتوبر سنة 1923 صدر منه ومن أخيه توفيق أبو زيد على عقد فى صورة بيع وفائى إلى المرحوم على محمد حمد مورث الطاعن حدّد أجل الإسترداد فيه بميعاد سنتين نهايتها 15 من أكتوبر سنة 1925 - وأن الأخير باعها ضمن أطيان أخرى إلى إبنه الطاعن بعقد مسجل فى 2 من يونيه سنة 1935 فدفعت المطعون عليها ببطلان عقد البيع الوفائى الصادر إلى مورث الطاعن لأنه كان يستر رهنا مستندة فى الدفع بالبطلان إلى بخس الثمن وإلى أن الأطيان استمرت فى حيازة مورثها من تاريخ عقد البيع الوفائى حتى تاريخ وفاة هذا المورث واستدلت على استمرار هذه الحيازة بعقد إيجار عن هذه الأطيان صادر من مورث الطاعن إلى مورثها لمدة سنتين نهايتهما آخر مايو سنة 1929 ثانيا - أن شهود المطعون عليها - ولم يطعن عليهم بمطعن مقبول - شهدوا بأن مورث المطعون عليها قد رهن الأطيان إلى مورث الطاعن الذى لم يضع يده عليها واستمرار الراهن واضعا يده إلى أن توفى وترك من خلفه ذرية ضعافا لم يستطيعوا زراعتها فوضع مورث الطاعن يده عليها ثم باعها إلى إبنه الطاعن، وأنها - أى المحكمة - لا تطمئن إلى ما شهد به شهود الطاعن هو وإخوته، ثالثا - أنه وقد تبين لها - للمحكمة - أن عقد البيع الوفائى هو عقد باطل بطلانا مطلقا فإن العقد الصادر إلى الطاعن من مورثه ببيع هذه الأطيان يكون باطلا أيضا، رابعا وأخيرا - أنه عما دفع به المدعى عليه الأول - الطاعن - من أن الأطيان كانت مملوكة لمورث المطعون عليها هو وأخيه توفيق أبو زيد على فقد ردّت المدعية - المطعون عليها - بأن الأطيان كانت مملوكة لمورثها وحده وبأن صدور عقد البيع الوفائى منه ومن أخيه إنما كان لمجرد أن الأطيان كانت مكلفة باسمهما معا فضلا عن أن هذه المسألة إنما تخص توفيق أبو زيد على وورثة أخيه فلا شأن للطاعن بها، استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه فى جدول محكمة استئناف القاهرة برقم 866 سنة 65 ق - دفعت المطعون عليها بعدم قبول الاستئناف شكلا، وفى 13 من فبراير سنة 1951 حكمت المحكمة المذكورة برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبثبوت ملكية المطعون عليها إلى فدان ونصف فدان شيوعا فى الثلاثة أفدنة المبينة بورقة افتتاح الدعوى، فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على سببين: يتحصل السبب الأول منهما فى أن الحكم إذ استند إلى أن عقد البيع الوفائى الصادر إلى مورث الطاعن كان يستر رهنا ورتب على ذلك أن عقد البيع الصادر إلى الطاعن من والده - المشترى وفائيا - لا يصلح أيضا أساسا للتملك قائلا إن الطاعن لا يجهل العيب المذكور فى سند ملكية البائع له بوصفه والده ولا تخفى عليه حقيقة تصرفات والده وأن التصرف كان مقرونا أو مشفوعا بوضع يد أمين أبو زيد - البائع وفائيا - كما دلت على ذلك شهادة شهود لا مطعن على شهادتهم، إذا استند الحكم إلى ذلك قد شابته فى هذا الخصوص عيوب ثلاثة: مخالفة الواقع ومخالفة القانون وقصور فى التسبيب ذلك: أولا - أن ما أورده الحكم المستأنف والحكم المطعون فيه نفسه نقلا عن شهادة الشهود الذين أشارت المحكمة إلى أقوالهم وقالت إنه لا مطعن على شهادتهم يبين منه أن وضع يد أمين أبو زيد قد انقطع بوفاته وأن وفاته كانت من حوالى عشرة إلى إثتى عشر سنة سابقا على شهادة هؤلاء الشهود أى أن وضع اليد المشار إليه قد انقطع حوالى سنة 1935 أو سنة 1936 كما يبين من وقائع الحكم المطعون فيه أن التصرف إلى الطاعن من والده قد صدر فى يونيه سنة 1935 أى فى وقت معاصر لوفاة أمين أبو زيد ولهذا يكون مخالفا للواقع ما قرره الحكم استنادا إلى أقوال الشهود من أن التصرف الحاصل إلى الطاعن كان مقترنا أو مشفوعا بوضع يد أمين أبو زيد على العين موضوع النزاع، ثانيا - أن عقد البيع الذى يتمسك به الطاعن والصادر إليه من والده هو سبب صحيح قانونا وهو فى ظاهره عقد ينقل الملك متى صدر من مالك وهو عقد يجوز التملك بمقتضاه بالتقادم الخمسى ويكفى أن يكون لدى الحائز الذى يتمسك بهذا النوع من التقادم سبب صحيح لمصلحته هو ولا يلتزم بأن يثبت وجود سبب صحيح لمصلحة من تلقى الحق عنه وأنه إذا تقرر بطلان عقد البيع الوفائى الذى يستر رهنا فإن تصرف المشترى وفائيا إلى الغير يكون تصرفا صادرا من غير مالك والتصرف من غير مالك تصرف تلحقه الإجازة لأن البطلان فيه بطلان نسبى ولهذا يجوز فى شأنه التملك بوضع اليد المدة القصيرة عند توفر السبب الصحيح ويكفى عند قيام السبب الصحيح أن يعتقد المتصرف له أن من يتلقى الحق عنه يملك هذا التصرف أو أن المتصرف هو صاحب الحق فيما يتصرف فيه وأنه لا خلاف فى حالة الدعوى على قيام السبب الصحيح ولا خلاف كذلك على وضع اليد الطاعن بعد تاريخ سنة 1935 السابق لوفاة مورث المطعون عليها ولهذا كله يكون مخالفا للقانون ما قرره الحكم المطعون فيه من أنه لا يصح للطاعن أن يستند إلى عقد البيع السالف ذكره الصادر إليه من المشترى وفائيا. ثالثا - أن الحكم قد استند فى عدم الاعتداد بالعقد الصادر إلى الطاعن وتقرير عدم صلاحيته إلى مجرد القول بأن المشترى - الطاعن - لا يجهل العيب المذكور فى سند ملكية والده ولا تخفى عليه تصرفاته وذلك دون أن يشير - الحكم - إلى مرجع هذا العلم بالعيب الوارد فى سند الملك إذ ليس من الوقائع المقررة أن الولد يعلم بعيوب عقد والده هذا فضلا عن أن عقد هذا الوالد ليس فى ظاهره ما يدل على وجود عيب فيه إذ كل ما ورد فيه أنه عقد بيع وفائى ينقضى أجل الاسترداد فيه ويصبح نهائيا بعدم رد الثمن فى أكتوبر سنة 1925 ولهذا يكون ما قرره الحكم فى هذا الخصوص مشوبا بالقصور فضلا عن مخالفته للقانون.
ومن حيث إن هذا النعى مردود فى شقه الأول بأن الحكم إذ قرر أن التصرف كان مشفوعا بوضع يد أمين أبو زيد - مورث المطعون عليهم - إنما قصد بذلك عقد البيع الوفائى الصادر من هذا المورث إلى والد الطاعن لا عقد البيع الصادر إلى الطاعن من والده كما توهم الطاعن ذلك خطأ وبنى على ذلك هذا الوجه من أوجه الطعن وهذا واضح من صريح ما ورد بالحكم إذ قال "وهو - الطاعن - لا يجهل هذا العيب الجوهرى فى سند ملكية البائع له بوصفه والده ولا تخفى عليه حقيقة تصرفاته وقد كان سند ملكية هذا الوالد - مشفوعا بوضع يد أمين أبو زيد كما دلت على ذلك شهادة شهود لا مطعن على شهادتهم" ولهذا لا يكون الحكم قد شابه فى هذا الخصوص خطأ فى الإسناد أو مخالفة للوقائع ومردود فى شقيه الثانى والثالث: أولا بأن الحكم لم يقل إن الطاعن لا يجهل هذا العيب المذكور فى سند ملكية البائع له وإنما قال إن الطاعن لا يجهل هذا العيب الجوهرى فى سند الملكية المشار إليه والفرق بين التعبيرين ظاهر إذ العيب الجوهرى قد يكون فى بعض الأحوال واضحا من نصوص العقد ذاته وقد يستفاد فى أحوال أخرى من ظروف تحرير العقد وملابساته ولو كانت نصوصه لا تكشف عن أى عيب فيه ومردود ثانيا - بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن عقد البيع الوفائى الذى تقرر بطلانه لأنه يستر رهنا لا يصلح أساسا للتملك بالتقادم الخمسى لم يؤسس قضاءه على عدم اعتبار هذا العقد سببا صحيحاjuste titre وإنما بنى قضاءه فى هذا الخصوص على ما ثبت لديه من عدم توافر حسن النية لدى الطاعن وهو المتمسك بالتملك بالتقادم الخمسى وهو شرط لازم لجواز التمسك بهذا النوع من التقادم ومردود أخيرا بأن حسن النية الذى يقتضيه التملك بالتقادم الخمسى هو اعتقاد المنصرف إليه اعتقادا سليما تاما حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه فإن كان يشوب هذا الاعتقاد أدنى شك امتنع حسن النية ولما كان الحكم المطعون فيه قد استدل على نقى حسن نية الطاعن بقرينتين أولاهما صلة البنوة بينه وبين من باع إليه الأطيان التى كانت فى الحقيقة مرهونة لهذا البائع والثانية أن الأطيان لم تكن فى وضع يد هذا البائع أو المرتهن بل استمرت فى وضع يد البائع وفائيا - وهو مورث المطعون عليهم - حتى وفاته وكان من شأن هاتين القرينتين أن تفيدا قيام الشك لدى الطاعن وقف صدور البيع إليه من والده فى ملكية البائع إليه مما ينتقى معه حسن النية كما قرر ذلك الحكم المطعون فيه - ولما كان هذا التقدير مما يستقل به قاضى الموضوع دون رقابة عليه من هذه المحكمة طالما كان استخلاصه سائغا - لما كان ذلك فإنه يكون على غير أساس ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الخصوص من قصور أو مخالفة للقانون.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم قد خالف القانون فيما يتعلق بقواعد الإثبات ويقول الطاعن فى بيان ذلك أن الحكم التمهيدى الذى صدر من محكمة الدرجة الأولى قضى بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى واقعة قانونية محددة هى وضع يد المطعون عليها هى ومورثها المكسب للملك بمضى المدة الطويلة بشروطه القانونية وهذه الواقعة هى التى كان يمكن أن يتاح للخصوم مناقشتها فلما ظهر من التحقيق أن الخلاف الحقيقى بين طرفى الخصومة إنما كان على حقيقة التصرف الصادر من مورث المطعون عليها إلى مورث الطاعن وما إذا كان هذا التصرف بيعا وفائيا حقيقيا انتقلت بموجبه الملكية بعد انقضاء أجل الوفاء أم بيعا وفائيا يخفى رهنا. لما ظهر هذا الخلاف طلب الطاعن من محكمة الدرجة الأولى أن تأمر بإحالة الدعوى على التحقيق من جديد لإثبات صحة البيع الوفائى وتوفر أركانه أو أن تسمح له بإعادة مناقشة الذين سمعت أقوالهم فلم تجب المحكمة هذا الطلب وكان النعى على ذلك من الأسباب التى أستند إليها الطاعن فى استئنافه ولكن المحكمة الاستئنافية هى الأخرى رفضت الطلب السابق بيانه قائلة أن التحقيق الذى قامت بإجرائه محكمة الدرجة الأولى يغنى عن العودة إلى هذا البحث لأنه تناول وضع اليد بجميع مظاهره وشروطه المكسبة للملكية. وإن وجه الخطأ فى هذا الذى قرره الحكم المطعون فيه أنه وإن كان للمحكمة أن تستند فى ثبوت أمر ما إلى تحقيق سابق قامت هى بإجرائه طالما كان هذا الأمر جائزا إثباته بالبينة إلا أنه لا يجوز للقاضى أن يحصل فهم الواقع من دليل يقدمه أحد الخصوم دون أن تتاح لخصمه فرصة مناقشة هذا الدليل ونفيه. الأمر الذى لم يتيسر للطاعن لأن الحكم التمهيدى كان قد نفذ بسماع شهادة شهود الطرفين قبل إثارة الخلاف بشأن حقيقة عقد البيع الوفائى مما لا تتهيأ معه للطاعن فرصة مناقشة الشهود فى هذا الخصوص.
ومن حيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أنه جاء بالحكم فى هذا الخصوص: "وحيث إن القول بأن المستأنف عليها الأولى (المطعون عليها) أثارت نزاعا جديدا يختلف اختلافا تاما عن الموضوع الذى تناوله التحقيق، هذا القول يحتاج إلى إيضاح فقد اعتمدت المستأنف عليها المذكورة فى طلب الملكية على وضع يد مورثها المدة المكسبة للملكية وجرى التحقيق حول هذا الطلب فشهد شهودها بأن مورثها هو المالك للأطيان وواضع اليد عليها بهذه الصفة ولكنه رهنها لعلى محمد حمد واستمر واضعا يده بطريق الإيجار إلى أن توفى فعجزت زوجته المستأنف عليها عن زراعتها ووضع المرتهن يده على أثر وفاته. هذا بينما شهد شهود المستأنف بأن وضع اليد كان لوالده بدون انقطاع إلى أن اشترى المستأنف الأطيان من والده فحل محله فى وضع اليد وقد كانت إشارة الشهود إلى حصول الرهن سببا فى انجلاء الحقيقة فتبين أن مورث المستأنف عليها باع هو وأخوه الثلاثة أفدنة بيعا وفائيا لعلى محمد حمد بعقد مسجل فى 31 من ديسمبر سنة 1923 مدته سنتان وتقدمت صورة رسمية من هذا العقد وثبت من عقد البيع الذى يتمسك به المستأنف أن البائع له وهو والده يملك الأطيان المبيعة بموجب عقد البيع الوفائى هذا وبانقضاء المهلة المحددة فيه وصيرورته بيعا نهائيا وعلى هذا النحو أصبحت واقعة البيع الوفائى حقيقة معترفا بها من الجانبين وبقى أن يعرف هل التصرف الحاصل من أمين وتوفيق أبو زيد كان ينطوى على بيع يراد منه نقل الملكية تحت شرط فاسخ أو يخفى رهنا ولما كان القانون يسمح بإثبات عكس ما فى العقد بدون التفات إلى نصوصه كان من حق المستأنف ضدها أن تستند فى دفاعها إلى البينة والقرائن ولم تكن المحكمة فى سبيل تحقيق هذا الدفاع فى حاجة إلى إحالة الدعوى على التحقيق من جديد فى خصوص وضع اليد لأن تحقيقها السابق فيه غنى عن العودة إلى هذا البحث فقد تناول وضع اليد فى جميع مظاهره وشرائطه المكسبة للملكية وشهد شهود الطرفين بما يتفق ودعوى من استشهد بهم فما الذى يبغيه المستأنف من تحقيق آخر أقصى ما يرجوه من ورائه أن يثبت أنه هو والبائع له من قبله وضعا اليد بصفتهما مالكين وهو عين ما أجمع عليه شهوده وإذا كان شهود خصمه شهدوا بما ينقض دعواه وذكروا واقعة الرهن عرضا فى بيان شهادتهم فقد ثبت من مستنداته أن ما شهدوا به صحيح على خلاف فى التقدير إن كان الأمر يتضمن رهنا أو بيعا وفائيا - وحيث إن محكمة الدرجة الأولى قد عولت على شهادة شهود المستأنف ضدها بناء على استخلاص صحيح لشهادتهم وكانت على حق فى ترجيح أقوالهم على شهادة غيرهم ولعل أقوى سند فى هذا الترجيح عقد الاجارة الذى دل على أن مورث المستأنف ضدها استأجر الأرض المبيعة من يونيو سنة 1927 إلى مايو سنة 1929 وهى مدة لاحقة على السنتين المنصوص عنهما فى عقد البيع وكان طبيعيا بعد هذه المقدمات أن تنتهى المحكمة إلى نتيجة لا معدى عنها وهى التى تضمنها حكمها فحكمت ببطلان العقد تأسيسا على أنه فى الواقع يخفى رهنا..." ويبين من هذا الذى أورده الحكم أن محكمة الدرجة الأولى بعد أن سمعت شهود الطرفين قدمت إليها صورة رسمية من عقد البيع الوفائى الصادر من مورث المطعون عليها إلى والد الطاعن كما قدم إليها عقد البيع الصادر إلى الطاعن من والده فدفعت المطعون عليها بأن عقد البيع الوفائى المشار إليه يستر رهنا واستدلت على ذلك ببقاء العين المبيعة وفائيا من مورثها فى حيازته حتى وفاته مستندة فى ثبوت هذه الواقعة إلى ما شهد به شهودها فى التحقيق - إذ قرروا أن مورثها تصرف فى الأطيان بالرهن واستمر مع ذلك واضعا يده عليها حتى وفاته - وإلى عقد الايجار الصادر إلى مورثها من والد الطاعن عن المدة من يونيو سنة 1927 إلى مايو سنة 1929 وتمسك الطاعن بما قرره شهوده من أن والده كان هو الواضع اليد على الأطيان وبصفته مالكا كما تمسك بما ورد فى عقده هو أن البيع الوفائى أصبح نهائيا بمضى أجل الوفاء فرجحت المحكمة ما شهد به شهود المطعون عليها مؤيدة هذا الترجيح بأن مورث الطاعن قد أجر الأطيان إلى مورث المطعون عليها بعد انقضاء أجل الوفاء المحدد فى عقد البيع الوفائى - والمستفاد من ذلك أن الطاعن لم يفاجأ بالدفاع الذى تمسكت به المطعون عليها بشأن هذا العقد - وأن دليلها على صحة هذا الدفاع كان مطروحا للمناقشة عند نظر الدعوى ورد عليه الطاعن بما سبق بيانه ولهذا يكون غير صحيح ما ورد فى سبب الطعن من أن محكمة الموضوع قد حصلت فهم الواقع من دليل قدمته المطعون عليها دون أن تتاح للطاعن مناقشته - أما ما ينعاه الطاعن من أنه لم تتح له فرصة مناقشة الشهود بشأن حقيقة عقد البيع الوفائى فمردود بما جاء بالحكم المطعون فيه إذ قرر أن كل ما يبغيه الطاعن من هذه المناقشة هو إثبات أنه كان هو ووالده المشترى وفائيا واضعى اليد على الأطيان بصفتهما مالكين وهو عين ما أجمع عليه شهوده ، ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.