↩ رصد قانون العقوبات رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧، مجموعة أحكام متعلقة بجرائم القتل، مبيناً العقوبة في كل حالة على حدة، مع مراعاة أنه لا يجوز لأحد أن يعتذر بأنه يجهل القانون، أي لا يُعتد بالجهل بالقانون، وإن كنت هنا بصدد تأكيد خطأ مقولة أن القانون لا يحمي المغفلين، بل الصحيح قول واحد أن القانون يحميهم، ذلك أن المعنيين بكلمة مغفلين هم المعتوه، السفيه، المجنون، ذو الغفلة، المغبون، وكل هؤلاء يظلهم القانون بحمايته لأن تصرفاتهم على ثلاثة أحوال، إما تصرفات نافعة نفعاً محضاً وهذه يجيزها القانون، وإما ضارة ضرراً محضاً وهي لا تُجاز في حقهم دفعاً للضرر، وإما تصرفات دائرة بين النفع والضرر، وهذه تتوقف على إجازة الولي أو الوصي، وبالتالي فالقانون يحمي المغفلين، لكنه لا يحمي الغافلين وهم الذين يتحججون بالجهل بالقانون.

على كل الأحوال نعود إلى الظروف المشددة للعقاب في جريمة القتل العمد والتي تودي حال إرتكابها إلى إعدام المتهم، فنجد أن قانون العقوبات المصري ذكرها على سبيل الحصر في المواد من ٢٣٠ إلى ٢٣٤ كما يلي 👇

💢 القتل مع سبق الإصرار والترصد

نصت المادة ٢٣٠ من قانون العقوبات على أن  👈 كل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار على ذلك أو الترصد يُعاقب بالإعدام.

والإصرار هو التأكيد والتصميم من المتهم مع التروي والتفكير على القيام بفعل قبل ارتكابه سواء كانت جناية أو جنحة، فهو القصد المصمم عليه لارتكاب جناية أو جنحة يكون الغرض منها هو إيذاء شخص معين ومحدد، أو إيذاء أشخاص غير معينين أو محددين. ويقوم سبق الإصرار على عنصرين زمني وهو الفترة الزمنية التي تمر من وقت تفكير الجاني في الجريمة حتى وقت التنفيذ، وعنصر نفسي وهو حالة الهدوء التي يمر بها الجاني في التفكير في الجريمة وأسلوب وميعاد ارتكابها.

أما الترصد فيعني التربص والاختفاء في جهة ما، ومفاجأة شخص ما بقصد قتله أو إيذائه بضرب أو نحوه، فهو تربص الجاني في مكان ما فترة معينة من الوقت سواء طالت أو قصرت بهدف ارتكاب جريمته وإيذاء شخص معين. ويقوم الترصد على عنصرين مكاني وهو تربص الجاني لشخص المجني عليه في مكان ما، وعنصر زماني وهو الفترة التي تمر في انتظار الجاني للمجني عليه لارتكاب جريمته، والعقوبة هنا تكون الإعدام، وعلة تشديدها ترجع إلى نفسية وقصد الجاني، وكون المجني عليه مسلوب الإرادة، وكذا الخطورة الإجرامية في شخصية الجاني، أما من يقتل شخصاً عمداً دون إصرار أو ترصد، فيُعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد، وإذا أردنا ضرب مثال لذلك نقول 👇

لو أن "س" تشاجر مع "ص" في مكان ما، ونما ذلك إلى علم شقيق "س" فما كان منه إلا أن أمسك بعصا وذهب مسرعاً إلى هناك وضرب "ص" على رأسه فقتله، هنا يعاقب على قتل خطأ، بينما لو ذهب إلى مكان المشاجرة وأخذ أخاه وانصرف، ثم تربصا لـ "ص" في اليوم التالي في مكان ما يعلم أنه يمر منه، وخرج عليه فجأة فشلّ حركته ومنعه من التفكير في المقاومة ما سهل عليه جريمته، وضربه بنفس العصا فقتله، هنا يعاقب على جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد، ما يستوجب توقيع عقوبة الإعدام، فالخلاف هنا فقط في التروي والتفكير والإصرار من قبل الجاني على ارتكاب الجريمة.

💢 القتل بالسم.

تنص المادة ٢٣٣ من قانون العقوبات على أن 👈 من قتل أحداً عمداً بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلاً أو آجلاً يعد قاتلاً بالسم أياً كانت كيفية استعمال هذه الجواهر ويعاقب بالإعدام.

وعلة تشديد العقاب هنا أيضاً لأن الجريمة تنطوي على غدر وخيانة، وكون المجني عليه كذلك مسلوب الإرادة، فلا يكون مستعداً لمواجهة الخطر الذي يأتيه غالباً من أقرب الناس إليه، وهم المسؤولون عن طعامه وشرابه سواء كانت زوجته أو خادمه أو غيرهم ممن يثق بهم، وتعتبر كل مادة تؤدي إلى الموت عن طريق التفاعل الكيميائي مع أنسجة جسم الإنسان، مادة سامة، ومن المتعارف عليه أن كلمة الاستعمال الواردة في نص المادة ٢٣٣ من قانون العقوبات تعني إعطاء المجني عليه مادة سامة.

💢 اقتران وارتباط القتل بجناية.

نصت الفقرة الثانية من المادة ٢٣٤ من قانون العقوبات على أن 👈  يُحكم على فاعل هذه الجناية، أي جناية القتل العمد بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى، أما إذا كان القصد منها أي الهدف من جناية القتل التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة، فيحكم بالإعدام أو السجن المؤبد.

 ويتضح من هذا النص أنه يشترط لقيام الظرف المشدد، ارتكاب الجاني جريمة القتل العمد المكتملة الأركان، وأن يرتكب جناية أخرى مستقلة عنها سواء كانت مقترنة أو مرتبطة بها، مع مراعاة اختلاف الاقتران عن الارتباط في كون الاقتران يعني وقوع الجريمة الثانية قبل جناية القتل أو بعدها مباشرة، كمن خطف أنثى وقتلها، أو اغتصبها وقتلها.

أما الارتباط فيكون بقصد تسهيل ارتكاب جنحة أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة، فتكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد.

ويختلف الاقتران عن الارتباط أيضاً في وحدة الشخص، فبينما في الاقتران يكون الشخص مرتكب الجريمتين واحداً، فلا يشترط ذلك في الارتباط فقد يقوم شخص بفعل لتسهيل فعل شخص آخر، كمن يقتل حارس عقار تسهيلاً لسرقته أشخاصاً آخرين، وفي الحالتين لا يشترط فاصل زمني وإنما يعود تقدير ذلك إلى قاضي الموضوع.
الأستاذة رانيا عزت القلوعي للمحاماه والإستشارات القانونية