باسم الشعب
محكمة النقـض
الدائــرة الجنائيــة
الأربعاء (أ)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ عـــــــــــــــــــاصم الغايش نائب رئيـــــس المحكمــة وعضوية السادة القضـــــــــــــــاة / محمـــــــــــــد هلالـــــــــــي خالد حســــــــــــــــــــــن محمد جمال حســـــن جودة وخالد الشـــــــــــــــــــــــــــرقبالي نواب رئيـــــــس المحكمــة وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أحمد سمير . وأمين السر السيد / طارق عبد المنعم
في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأربعاء 23 من ربيع الأول سنة 1444هـ الموافق 19 من أكتوبر سنة 2022 م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 4684 لسنة 92 القضائية
المرفوع من :
............. محكوم عليه - ملتمس
ضـــــــــــد :
النيابة العامة مطعون ضدها .
الوقائـــع
اتهمت النيابة العامة كلًا من ............................ في قضية الجناية رقم 7758 لسنة 2016 قسم أول العاشر من رمضان (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 4633 لسنة 2016 جنوب الزقازيق) ، بأنهم في يوم 7 من أغسطس سنة 2016 بدائرة قسم العاشر من رمضان - محافظة الشرقية :-
المتهمون من الأول إلى الرابع :
۱- قتلوا عمدًا المجني عليه/ .......... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية محل الاتهام الثاني وتتبعوه حتى سـار بسيارته لطريق خالٍ من المارة وما أن ظفروا به حتى قاموا بإطلاق أعيرة نارية من الأسلحة النارية التي كانت بحوزتهم قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي أدت لوفاته على النحو المبين بالتحقيقات .
۲- حازوا وأحرزوا أسلحة نارية مششخنة (بنادق آلية) مما لا يجوز الترخيص بحيازتها على النحو المبين بالأوراق .
3- حازوا وأحرزوا ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري سالف البيان حال كونه من الأسلحة التي لا يجوز الترخيص بها .
المتهمون من الخامس (الملتمس) إلى الثامن :
- حرضوا المتهمين من الأول للرابع على قتل المجني عليه/ ...........باستخدام الأسلحة النارية سالفة البيان فتمت جريمتهم بناء على هذا التحريض .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضـت غيابيًا للأول والثاني والثالث والرابع والسادس والسابع وحضوريًا للخامس (الملتمس) والثامن في 20 من يونية سنة ٢٠١٩ عملًا بالمواد 40/ أولًا ، ثالثًا ، 41/1 ، ۲۳۰ ، ۲۳۱ ، ۲۳۲ من قانون العقوبات ، والمواد 1/2 ، 6 ، 26/4،3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي ٢٦ لسنة ١٩٧٨ ، 101 لسنة 1980 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة ٢٠١٢ والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) المرفق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم ١٣٣٥٤ لسنة 1995 ، وإعمال نص المادتين ۱۷ ، ۳۲ من قانون العقوبات ، أولًا : بمعاقبة كل من ............................................. بالسجن المؤبد عما أُسند إليهم وألزمتهم المصاريف الجنائية ، ثانيًا : بمعاقبة ............ بالسجن المشدد لمده سبع سنوات عما أُسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية ، ثالثًا : ببراءة / .............................. مما نُسب إليه ، رابعًا : وفي الدعويين المدنيتين بإحالتهما بحالتهما إلى المحكمة المدنية المختصة لتحديد جلسة لنظرهما .
وقد أعيدت إجراءات محاكمة المتهمين .......- ............................. .
وقضت ذات المحكمة حضوريًا بجلسة 19 من فبراير سنة ۲۰۲۰ ببراءة كلٍ من / .......... مما أُسند إليهما .
وبجلسة 22 من يونية سنة ٢٠٢٠ ببراءة / .........مما أسند إليه .
وبجلسة 21 من سبتمبر سنة ۲۰۲۰ ببراءة كلٍ من / .........وصحة اسمه ........ مما أُسند إليهما ، وذلك استنادًا إلى عدول شاهد الإثبات الأول / ....... - شقيق المجني عليه - أمام المحكمة عن شهادته بالتحقيقات وعدم اتهامه للمتهمين بأي اتهام .
فطعن المحكوم عليه / ......... (الملتمس) في الحكم الصادر من محكمة جنايات الزقازيق في 20 من يونية سنة ٢٠١٩ بطريق النقض وقيد طعنه برقم ۱۸۷۳۳ لسنة ۸۹ قضائية .
ومحكمة النقض قضت بجلسة 5 من أكتوبر سنة ۲۰۲۱ بعدم قبول الطعن شكلًا .
وتقدمت زوجة المحكوم عليه/ ........... - الملتمس - بوكيل عنها - بالتماس إلى السيد الأستاذ المستشار / النائب العام تلتمس فيه إعادة النظر في ذلك الحكم الصادر في الجناية رقم 7758 لسنة ٢٠١٦ جنايات قسم أول العاشر من رمضان والمقيدة برقم 4633 لسنة 2016 كلي جنوب الزقازيق بعد أن صار الحكم باتًا .
وأسس - الملتمس - طلبه على سند من الفقرتين الثانية والخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية من ظهور وقائع جديدة من شأنها ثبوت براءته لم تكن مطروحة على محكمة الموضوع والتناقض بين الحكم الصادر بإدانته والأحكام الصادر ببراءة المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع والسابع .
وبتاريخ 24 من نوفمبر سنة ٢٠٢١ تقدم السيد الأستاذ المستشار / النائب العام بطلب عرض الأوراق على اللجنة المنصوص عليها في المادة 443 من قانون الإجراءات الجنائية للفصل في قبول التماس إعادة النظر في الحكم الصادر فيها .
وبتاريخ 8 من ديسمبر سنة ٢٠٢١ قدم المكتب الفني لمحكمة النقض مذكرة بعرض الطلب على اللجنة المنصوص عليها في المادة 443 من قانون الإجراءات الجنائية .
وبتاريخ 10 من فبراير سنة ۲۰۲۲ قررت لجنة التماسات إعادة النظر وقف تنفيذ العقوبة وعرض على محكمة النقض .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر ، وبعد المداولة قانونًا .
من حيث إن التماس إعادة النظر المعروض بني على وجهين ، تأسس أولهما على الفقرة الثانية من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية ، وثانيهما على الفقرة الخامسة من ذات المادة .
وحيث إنه وعن الوجه الأول للالتماس ، فقد أسسه الملتمس على أن الأحكام الصادرة في الجناية رقم 7758 لسنة ٢٠١٦ جنايات قسم أول العاشر من رمضان والمقيدة برقم 4633 لسنة ٢٠١٦ كلي جنوب الزقازيق ببراءة المتهمين (................... من التهم المسندة إليهم وحازت قوة الأمر المقضي ، قد تناقضت مع الحكم الصادر في ذات الجناية بتاريخ 20/6/2019 بإدانة الملتمس ، وذلك على الرغم من وحدة الواقعة والاتهامات التي حوكم جميع المتهمين سالفي الذكر من أجلها ، بما يستنتج منه براءته منها ، مما يحق له إعادة النظر في الحكم الصادر بإدانته .
ومن حيث إنه يبين من الحكم الصادر بتاريخ 20/6/2019 في الجناية رقم 7758 لسنة ٢٠١٦ قسم أول العاشر من رمضان والمقيدة برقم 4633 لسنة ٢٠١٦ كلي جنوب الزقازيق أن النيابة العامة أسندت إلى الملتمس وآخرين أنهم في يوم 7/٨/٢٠١٦ بدائرة قسم أول العاشر من رمضان - محافظة الشرقية:
المتهمون : ......................... : (1) قتلوا عمدًا المجني عليه / ............... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية محل الاتهام الثاني وتتبعوه حتى سـار بسيارته لطريق خال من المارة ، وما إن ظفروا به حتى قاموا بإطلاق أعيرة نارية من الأسلحة النارية التي كانت بحوزتهم قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي أدت لوفاته على النحو المبين بالتحقيقات . (2) حازوا وأحرزوا أسلحة نارية مششخنة (بنادق آلية) مما لا يجوز الترخيص بحيازتها على النحو المبين بالأوراق . (3) حازوا وأحرزوا ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري سالف البيان حال كونه من الأسلحة التي لا يجوز الترخيص بها .
المتهمون : ........ ( الملتمس ) (6) ........ : حرضوا المتهمين من الأول للرابع على قتل المجني عليه / ................. باستخدام الأسلحة النارية سالفة ، فتمت جريمتهم بناء على هذا التحريض .
وبتاريخ 20/6/2019 قضت محكمة الجنايات حضوريًا بمعاقبة الملتمس بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات ، وغيابيًا بمعاقبة باقي المتهمين بالسجن المؤبد . وطعن الملتمس في هذا الحكم بطريق النقض وقضي بعدم قبول الطعن شكلًا .
وحيث أُعيدت الإجراءات في الحكم الغيابي الصادر ضد المحكوم عليهم ، فقد قضت محكمة الجنايات ببراءة المتهمين .............................. مما أسند إليهم ، تأسيسًا على أن المحكمة قد داخلتها الريبة والشك في الاتهام وعناصر الإثبات وأضحت لا تطمئن إليها ، ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم الأخير ، فأضحى باتًا حائزًا لقوة الأمر المقضي .
وحيث إن المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح في الأحوال الآتية : 1 - .... 2- إذ صدر حكم على شخص من أجل واقعة ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل الواقعة عينها ، وكان بين الحكمين تناقض بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما 3- .... 4- ......5- .... إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراقا لم تكن معلومة وقت المحاكمة ، وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه . واستلزمت المادة 444 من قانون الإجراءات الجنائية لقبول طلب إعادة النظر المبني على الأحوال الأربع الأولى من المادة 441 من القانون سالف الذكر أن يودع الطالب خزانة المحكمة مبلغ خمسة جنيهات كفالة ما لم يكن قد أعفي من إيداعه بقرار من لجنة المساعدة القضائية . لما كان ذلك ، وكان الطالب قد استند في الوجه الأول من وجهي الالتماس إلى الحالة الثانية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 441 سالفة البيان دون أن يقوم بسداد الكفالة المنصوص عليها في القانون أو يقدم ما يفيد حصوله على قرار من لجنة المساعدة القضائية بإعفائه منها ، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول هذا الوجه من الالتماس.
وحيث إن الوجه الثاني من أوجه الالتماس قد استوفى المراحل التي يتطلبها القانون .
وحيث إن الطالب يبني هذا الوجه على توافر مقتضى إعمال الفقرة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك لسببين : أولهما : عدول أحد شهود الإثبات ــ شقيق المجني عليه ـ بأقواله بجلسة محاكمة المتهمين المقضي ببرائتهم ، عما سبق أن أدلى به عند إعادة الإجراءات، بما ينفي الاتهام عنهم وعن الملتمس ، وثانيهما : الأحكام الصادرة في الجناية سالفة البيان ببراءة المتهمين سالفي الذكر من التهم المسندة إليهم والتي حازت قوة الأمر المقضي ، وأن كلا السببين يعد واقعة جديدة لم تكن معلومة وقت محاكمته وظهرت بعد الحكم بإدانته ومن شأنها ثبوت براءته ، مما يحق له إعادة النظر في الحكم الصادر بإدانته .
وحيث إنه وعن السبب الأول الذي يرتكز إليه الطالب استنادا للفقرة الخامسة من المادة 441 المار بيانها ، فلما كانت تلك الفقرة ، وإن جاءت صياغتها عامة لم تقيد الوقائع أو الأوراق التي تظهر بعد صدور الحكم بنوع معين ، إلا أن المذكرة الإيضاحية للقانون قد تضمنت تعليقاً على هذه الفقرة جاء به أن النص فيها ورد على صورة عامة تنص عليها أغلب القوانين الحديثة وهي حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق المذكورة ثبوت براءة المحكوم عليه ، ومثل ذلك ما لو ثبت بعد الحكم على المتهم أنه كان مصاباً بالعاهة في عقله وقت ارتكابها ، أو أنه كان محبوساً في هذا الوقت ، أو عثر على الشيء المسروق لدى المجني عليه ، أو عثر على إيصال برد الأمانة . ويؤدي ذلك التعليق لزوماً إلى القول بأنه من غير المقبول تصور أن يتشدد الشارع في الحالات الأربع الأول للمادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية ثم يأتي ليفتح الباب على مصراعيه في الحالة الخامسة حتى تستوعب بعمومها ما تقدمها حتى تُعدم أثره ، وإنما قصد بها - في ضوء الأمثلة التي ضربتها المذكرة الإيضاحية - أن تكون الوقائع الجديدة أو الأوراق المقدمة دالة بذاتها على براءة المحكوم عليه ، أو يلزم عنها حتماً سقوط الدليل على إدانته ، أو على تحمله التبعة الجنائية ، فالغاية التي ابتغاها الشارع من إضافة هذه الفقرة في قانون الإجراءات الجنائية إلى حالات الالتماس الواردة في الفقرات السابقة عليها ، أن تكون نصاً احتياطيا ابتغاء أن يتدارك بها ما عساه أن يفلت من صور تتحاذى معها ولا تنفك عنها والتي قد يتعذر فيها إقامة الدليل على الوجه المتطلب قانوناً ، مما لازمه عدم الاكتفاء فيها بعدول مجرد لشاهد أو متهم عما سبق أن أدلى به لدى محكمة الموضوع ، أو بمجرد قول مرسل لشاهد أمام محكمة أخرى ، ما لم يصاحب هذا القول أو ذلك العدول ما يحسم بذاته الأمر ، ويقطع بترتيب أثره في ثبوت براءة المحكوم عليه ، وهو ما يقيم موازنة عادلة لا إفراط فيها أو تفريط بين حق المحكوم عليه وصالح المجتمع الذي يضيره المساس في غير سبب جازم بقوة الشيء المقضي فيه جنائياً، وهي من حالات النظام العام التي تمس مصلحة المجتمع وتقضي بوضع حد لنزاع فصل فيه القضاء نهائياً، الأمر الذي سجلته المادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية حين نصت على أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغير الوصف القانوني للجريمة . فأصبح بذلك حكم القضاء عنوان حقيقة هي أقوى من الحقيقة نفسها، مما لا يصح معه النيل منها بمجرد دعوى غير حاسمة ، كما لا يجوز أن تكون محلاً للمساومة بين الأفراد، والقول بغير ذلك مضيعة لوقت القضاء وهيبته ومجلبة لتناقض أحكامه ما بقي الأمر معلقاً بمشيئة المحكوم عليهم كلما حلا لهم تجديد النزاع وإعادة طرحه على القضاء. لما كان ذلك، وكان عدول أحد شهود الإثبات في الالتماس الراهن عن أقواله لدى إعادة الإجراءات في محاكمة جديدة لمحكوم عليهم آخرين كان قد قُضي عليهم غيابياً ، لا يجعل من هذه الأقوال - بفرض اعتبارها واقعة جديدة لم تكن معلومة وقت محاكمة الملتمس - سوى أن تكون مجرد دليل احتمالي لا ينهض بذاته وجهاً لطلب إعادة النظر مادام لم يصحبه ما يحسم الأمر ويقطع في ترتيب أثره في إهدار الحقيقة التي سجلها الحكم البات ، إذ ليس من شأنه أن يؤدي بذاته إلى ثبوت براءة المحكوم عليه ولا يلزم عنه في كل الأحوال سقوط الدليل على إدانته ، فإنه يضحى متعيناً عدم قبول هذا الوجه من الالتماس كسابقه .
وحيث إنه وعن السبب الثاني الذي يرتكز إليه الطلب استنادا للفقرة الخامسة من المادة 441 من القانون سالف الذكر ، والذي قام على أن الأحكام الصادرة ببراءة المتهمين الآخرين من التهم المسندة إليهم وقد حازت قوة الأمر المقضي ، تعد واقعة جديدة لم تكن معلومة وقت محاكمته وظهرت بعد الحكم بإدانته ، ومن شأنها ثبوت براءته ، فلما كان الثابت من الأوراق أن الأحكام الصادرة ببراءة هؤلاء المتهمين وهم الفاعلون الأصليون في الجريمة التي أسند للملتمس التحريض عليها قد أسست على أن واقعة الاتهام محل شك وأن المحكمة قد داخلتها الريبة في هذا الاتهام وفي عناصر الإثبات المؤدية له وأضحت لا تطمئن إليها ، وهي ذات الواقعة التي حوكم عنها الملتمس بوصفه شريكاً فيها بطريق التحريض ودانته المحكمة عنها ، وكان الثابت أن أحكام البراءة التي صدرت لصالح الفاعلين الأصليين قد صدرت بعد الحكم بإدانته ، ولم تكن معلومة لديه وقت محاكمته ، ولم تُطرح على المحكمة التي قضت بإدانته ، فإنها بهذه المثابة تعد واقعة جديدة من شأنها أن تؤدي إلى ثبوت براءة الملتمس بوصفه شريكًا لفاعلين أصليين قُضي ببراءتهم ، ومن ثم تكون قد توافرت شروط تطبيق هذا الوجه من الحالة الخامسة من المادة 441 إجراءات جنائية ، ويكون طلب إعادة النظر قد تكاملت عناصره وتوافرت مقوماته مما يتعين معه قبوله ، والقضاء بإلغاء الحكم الصادر بتاريخ 20/6/2019 ضد طالب الالتماس في الجناية رقم 7758 لسنة ٢٠١٦ جنايات قسم أول العاشر من رمضان والمقيدة برقم 4633 لسنة ٢٠١٦ كلي جنوب الزقازيق ، وبراءة الطالب المحكوم عليه فيها .
فلهذه الأسباب :
حكمت المحكمة : بقبول طلب التماس إعادة النظر وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر بتاريخ 20/6/2019 ضد الملتمس ........... في الجناية رقم 7758 لسنة 2016 جنايات قسم أول العاشر من رمضان والمقيدة برقم 4633 لسنة 2016 كلي جنوب الزقازيق ، وبراءته مما أُسند إليه من اتهام فيها .
محكمة النقـض
الدائــرة الجنائيــة
الأربعاء (أ)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ عـــــــــــــــــــاصم الغايش نائب رئيـــــس المحكمــة وعضوية السادة القضـــــــــــــــاة / محمـــــــــــــد هلالـــــــــــي خالد حســــــــــــــــــــــن محمد جمال حســـــن جودة وخالد الشـــــــــــــــــــــــــــرقبالي نواب رئيـــــــس المحكمــة وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أحمد سمير . وأمين السر السيد / طارق عبد المنعم
في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأربعاء 23 من ربيع الأول سنة 1444هـ الموافق 19 من أكتوبر سنة 2022 م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 4684 لسنة 92 القضائية
المرفوع من :
............. محكوم عليه - ملتمس
ضـــــــــــد :
النيابة العامة مطعون ضدها .
الوقائـــع
اتهمت النيابة العامة كلًا من ............................ في قضية الجناية رقم 7758 لسنة 2016 قسم أول العاشر من رمضان (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 4633 لسنة 2016 جنوب الزقازيق) ، بأنهم في يوم 7 من أغسطس سنة 2016 بدائرة قسم العاشر من رمضان - محافظة الشرقية :-
المتهمون من الأول إلى الرابع :
۱- قتلوا عمدًا المجني عليه/ .......... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية محل الاتهام الثاني وتتبعوه حتى سـار بسيارته لطريق خالٍ من المارة وما أن ظفروا به حتى قاموا بإطلاق أعيرة نارية من الأسلحة النارية التي كانت بحوزتهم قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي أدت لوفاته على النحو المبين بالتحقيقات .
۲- حازوا وأحرزوا أسلحة نارية مششخنة (بنادق آلية) مما لا يجوز الترخيص بحيازتها على النحو المبين بالأوراق .
3- حازوا وأحرزوا ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري سالف البيان حال كونه من الأسلحة التي لا يجوز الترخيص بها .
المتهمون من الخامس (الملتمس) إلى الثامن :
- حرضوا المتهمين من الأول للرابع على قتل المجني عليه/ ...........باستخدام الأسلحة النارية سالفة البيان فتمت جريمتهم بناء على هذا التحريض .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضـت غيابيًا للأول والثاني والثالث والرابع والسادس والسابع وحضوريًا للخامس (الملتمس) والثامن في 20 من يونية سنة ٢٠١٩ عملًا بالمواد 40/ أولًا ، ثالثًا ، 41/1 ، ۲۳۰ ، ۲۳۱ ، ۲۳۲ من قانون العقوبات ، والمواد 1/2 ، 6 ، 26/4،3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي ٢٦ لسنة ١٩٧٨ ، 101 لسنة 1980 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة ٢٠١٢ والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) المرفق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم ١٣٣٥٤ لسنة 1995 ، وإعمال نص المادتين ۱۷ ، ۳۲ من قانون العقوبات ، أولًا : بمعاقبة كل من ............................................. بالسجن المؤبد عما أُسند إليهم وألزمتهم المصاريف الجنائية ، ثانيًا : بمعاقبة ............ بالسجن المشدد لمده سبع سنوات عما أُسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية ، ثالثًا : ببراءة / .............................. مما نُسب إليه ، رابعًا : وفي الدعويين المدنيتين بإحالتهما بحالتهما إلى المحكمة المدنية المختصة لتحديد جلسة لنظرهما .
وقد أعيدت إجراءات محاكمة المتهمين .......- ............................. .
وقضت ذات المحكمة حضوريًا بجلسة 19 من فبراير سنة ۲۰۲۰ ببراءة كلٍ من / .......... مما أُسند إليهما .
وبجلسة 22 من يونية سنة ٢٠٢٠ ببراءة / .........مما أسند إليه .
وبجلسة 21 من سبتمبر سنة ۲۰۲۰ ببراءة كلٍ من / .........وصحة اسمه ........ مما أُسند إليهما ، وذلك استنادًا إلى عدول شاهد الإثبات الأول / ....... - شقيق المجني عليه - أمام المحكمة عن شهادته بالتحقيقات وعدم اتهامه للمتهمين بأي اتهام .
فطعن المحكوم عليه / ......... (الملتمس) في الحكم الصادر من محكمة جنايات الزقازيق في 20 من يونية سنة ٢٠١٩ بطريق النقض وقيد طعنه برقم ۱۸۷۳۳ لسنة ۸۹ قضائية .
ومحكمة النقض قضت بجلسة 5 من أكتوبر سنة ۲۰۲۱ بعدم قبول الطعن شكلًا .
وتقدمت زوجة المحكوم عليه/ ........... - الملتمس - بوكيل عنها - بالتماس إلى السيد الأستاذ المستشار / النائب العام تلتمس فيه إعادة النظر في ذلك الحكم الصادر في الجناية رقم 7758 لسنة ٢٠١٦ جنايات قسم أول العاشر من رمضان والمقيدة برقم 4633 لسنة 2016 كلي جنوب الزقازيق بعد أن صار الحكم باتًا .
وأسس - الملتمس - طلبه على سند من الفقرتين الثانية والخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية من ظهور وقائع جديدة من شأنها ثبوت براءته لم تكن مطروحة على محكمة الموضوع والتناقض بين الحكم الصادر بإدانته والأحكام الصادر ببراءة المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع والسابع .
وبتاريخ 24 من نوفمبر سنة ٢٠٢١ تقدم السيد الأستاذ المستشار / النائب العام بطلب عرض الأوراق على اللجنة المنصوص عليها في المادة 443 من قانون الإجراءات الجنائية للفصل في قبول التماس إعادة النظر في الحكم الصادر فيها .
وبتاريخ 8 من ديسمبر سنة ٢٠٢١ قدم المكتب الفني لمحكمة النقض مذكرة بعرض الطلب على اللجنة المنصوص عليها في المادة 443 من قانون الإجراءات الجنائية .
وبتاريخ 10 من فبراير سنة ۲۰۲۲ قررت لجنة التماسات إعادة النظر وقف تنفيذ العقوبة وعرض على محكمة النقض .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر ، وبعد المداولة قانونًا .
من حيث إن التماس إعادة النظر المعروض بني على وجهين ، تأسس أولهما على الفقرة الثانية من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية ، وثانيهما على الفقرة الخامسة من ذات المادة .
وحيث إنه وعن الوجه الأول للالتماس ، فقد أسسه الملتمس على أن الأحكام الصادرة في الجناية رقم 7758 لسنة ٢٠١٦ جنايات قسم أول العاشر من رمضان والمقيدة برقم 4633 لسنة ٢٠١٦ كلي جنوب الزقازيق ببراءة المتهمين (................... من التهم المسندة إليهم وحازت قوة الأمر المقضي ، قد تناقضت مع الحكم الصادر في ذات الجناية بتاريخ 20/6/2019 بإدانة الملتمس ، وذلك على الرغم من وحدة الواقعة والاتهامات التي حوكم جميع المتهمين سالفي الذكر من أجلها ، بما يستنتج منه براءته منها ، مما يحق له إعادة النظر في الحكم الصادر بإدانته .
ومن حيث إنه يبين من الحكم الصادر بتاريخ 20/6/2019 في الجناية رقم 7758 لسنة ٢٠١٦ قسم أول العاشر من رمضان والمقيدة برقم 4633 لسنة ٢٠١٦ كلي جنوب الزقازيق أن النيابة العامة أسندت إلى الملتمس وآخرين أنهم في يوم 7/٨/٢٠١٦ بدائرة قسم أول العاشر من رمضان - محافظة الشرقية:
المتهمون : ......................... : (1) قتلوا عمدًا المجني عليه / ............... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية محل الاتهام الثاني وتتبعوه حتى سـار بسيارته لطريق خال من المارة ، وما إن ظفروا به حتى قاموا بإطلاق أعيرة نارية من الأسلحة النارية التي كانت بحوزتهم قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي أدت لوفاته على النحو المبين بالتحقيقات . (2) حازوا وأحرزوا أسلحة نارية مششخنة (بنادق آلية) مما لا يجوز الترخيص بحيازتها على النحو المبين بالأوراق . (3) حازوا وأحرزوا ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري سالف البيان حال كونه من الأسلحة التي لا يجوز الترخيص بها .
المتهمون : ........ ( الملتمس ) (6) ........ : حرضوا المتهمين من الأول للرابع على قتل المجني عليه / ................. باستخدام الأسلحة النارية سالفة ، فتمت جريمتهم بناء على هذا التحريض .
وبتاريخ 20/6/2019 قضت محكمة الجنايات حضوريًا بمعاقبة الملتمس بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات ، وغيابيًا بمعاقبة باقي المتهمين بالسجن المؤبد . وطعن الملتمس في هذا الحكم بطريق النقض وقضي بعدم قبول الطعن شكلًا .
وحيث أُعيدت الإجراءات في الحكم الغيابي الصادر ضد المحكوم عليهم ، فقد قضت محكمة الجنايات ببراءة المتهمين .............................. مما أسند إليهم ، تأسيسًا على أن المحكمة قد داخلتها الريبة والشك في الاتهام وعناصر الإثبات وأضحت لا تطمئن إليها ، ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم الأخير ، فأضحى باتًا حائزًا لقوة الأمر المقضي .
وحيث إن المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح في الأحوال الآتية : 1 - .... 2- إذ صدر حكم على شخص من أجل واقعة ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل الواقعة عينها ، وكان بين الحكمين تناقض بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما 3- .... 4- ......5- .... إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراقا لم تكن معلومة وقت المحاكمة ، وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه . واستلزمت المادة 444 من قانون الإجراءات الجنائية لقبول طلب إعادة النظر المبني على الأحوال الأربع الأولى من المادة 441 من القانون سالف الذكر أن يودع الطالب خزانة المحكمة مبلغ خمسة جنيهات كفالة ما لم يكن قد أعفي من إيداعه بقرار من لجنة المساعدة القضائية . لما كان ذلك ، وكان الطالب قد استند في الوجه الأول من وجهي الالتماس إلى الحالة الثانية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 441 سالفة البيان دون أن يقوم بسداد الكفالة المنصوص عليها في القانون أو يقدم ما يفيد حصوله على قرار من لجنة المساعدة القضائية بإعفائه منها ، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول هذا الوجه من الالتماس.
وحيث إن الوجه الثاني من أوجه الالتماس قد استوفى المراحل التي يتطلبها القانون .
وحيث إن الطالب يبني هذا الوجه على توافر مقتضى إعمال الفقرة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك لسببين : أولهما : عدول أحد شهود الإثبات ــ شقيق المجني عليه ـ بأقواله بجلسة محاكمة المتهمين المقضي ببرائتهم ، عما سبق أن أدلى به عند إعادة الإجراءات، بما ينفي الاتهام عنهم وعن الملتمس ، وثانيهما : الأحكام الصادرة في الجناية سالفة البيان ببراءة المتهمين سالفي الذكر من التهم المسندة إليهم والتي حازت قوة الأمر المقضي ، وأن كلا السببين يعد واقعة جديدة لم تكن معلومة وقت محاكمته وظهرت بعد الحكم بإدانته ومن شأنها ثبوت براءته ، مما يحق له إعادة النظر في الحكم الصادر بإدانته .
وحيث إنه وعن السبب الأول الذي يرتكز إليه الطالب استنادا للفقرة الخامسة من المادة 441 المار بيانها ، فلما كانت تلك الفقرة ، وإن جاءت صياغتها عامة لم تقيد الوقائع أو الأوراق التي تظهر بعد صدور الحكم بنوع معين ، إلا أن المذكرة الإيضاحية للقانون قد تضمنت تعليقاً على هذه الفقرة جاء به أن النص فيها ورد على صورة عامة تنص عليها أغلب القوانين الحديثة وهي حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق المذكورة ثبوت براءة المحكوم عليه ، ومثل ذلك ما لو ثبت بعد الحكم على المتهم أنه كان مصاباً بالعاهة في عقله وقت ارتكابها ، أو أنه كان محبوساً في هذا الوقت ، أو عثر على الشيء المسروق لدى المجني عليه ، أو عثر على إيصال برد الأمانة . ويؤدي ذلك التعليق لزوماً إلى القول بأنه من غير المقبول تصور أن يتشدد الشارع في الحالات الأربع الأول للمادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية ثم يأتي ليفتح الباب على مصراعيه في الحالة الخامسة حتى تستوعب بعمومها ما تقدمها حتى تُعدم أثره ، وإنما قصد بها - في ضوء الأمثلة التي ضربتها المذكرة الإيضاحية - أن تكون الوقائع الجديدة أو الأوراق المقدمة دالة بذاتها على براءة المحكوم عليه ، أو يلزم عنها حتماً سقوط الدليل على إدانته ، أو على تحمله التبعة الجنائية ، فالغاية التي ابتغاها الشارع من إضافة هذه الفقرة في قانون الإجراءات الجنائية إلى حالات الالتماس الواردة في الفقرات السابقة عليها ، أن تكون نصاً احتياطيا ابتغاء أن يتدارك بها ما عساه أن يفلت من صور تتحاذى معها ولا تنفك عنها والتي قد يتعذر فيها إقامة الدليل على الوجه المتطلب قانوناً ، مما لازمه عدم الاكتفاء فيها بعدول مجرد لشاهد أو متهم عما سبق أن أدلى به لدى محكمة الموضوع ، أو بمجرد قول مرسل لشاهد أمام محكمة أخرى ، ما لم يصاحب هذا القول أو ذلك العدول ما يحسم بذاته الأمر ، ويقطع بترتيب أثره في ثبوت براءة المحكوم عليه ، وهو ما يقيم موازنة عادلة لا إفراط فيها أو تفريط بين حق المحكوم عليه وصالح المجتمع الذي يضيره المساس في غير سبب جازم بقوة الشيء المقضي فيه جنائياً، وهي من حالات النظام العام التي تمس مصلحة المجتمع وتقضي بوضع حد لنزاع فصل فيه القضاء نهائياً، الأمر الذي سجلته المادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية حين نصت على أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغير الوصف القانوني للجريمة . فأصبح بذلك حكم القضاء عنوان حقيقة هي أقوى من الحقيقة نفسها، مما لا يصح معه النيل منها بمجرد دعوى غير حاسمة ، كما لا يجوز أن تكون محلاً للمساومة بين الأفراد، والقول بغير ذلك مضيعة لوقت القضاء وهيبته ومجلبة لتناقض أحكامه ما بقي الأمر معلقاً بمشيئة المحكوم عليهم كلما حلا لهم تجديد النزاع وإعادة طرحه على القضاء. لما كان ذلك، وكان عدول أحد شهود الإثبات في الالتماس الراهن عن أقواله لدى إعادة الإجراءات في محاكمة جديدة لمحكوم عليهم آخرين كان قد قُضي عليهم غيابياً ، لا يجعل من هذه الأقوال - بفرض اعتبارها واقعة جديدة لم تكن معلومة وقت محاكمة الملتمس - سوى أن تكون مجرد دليل احتمالي لا ينهض بذاته وجهاً لطلب إعادة النظر مادام لم يصحبه ما يحسم الأمر ويقطع في ترتيب أثره في إهدار الحقيقة التي سجلها الحكم البات ، إذ ليس من شأنه أن يؤدي بذاته إلى ثبوت براءة المحكوم عليه ولا يلزم عنه في كل الأحوال سقوط الدليل على إدانته ، فإنه يضحى متعيناً عدم قبول هذا الوجه من الالتماس كسابقه .
وحيث إنه وعن السبب الثاني الذي يرتكز إليه الطلب استنادا للفقرة الخامسة من المادة 441 من القانون سالف الذكر ، والذي قام على أن الأحكام الصادرة ببراءة المتهمين الآخرين من التهم المسندة إليهم وقد حازت قوة الأمر المقضي ، تعد واقعة جديدة لم تكن معلومة وقت محاكمته وظهرت بعد الحكم بإدانته ، ومن شأنها ثبوت براءته ، فلما كان الثابت من الأوراق أن الأحكام الصادرة ببراءة هؤلاء المتهمين وهم الفاعلون الأصليون في الجريمة التي أسند للملتمس التحريض عليها قد أسست على أن واقعة الاتهام محل شك وأن المحكمة قد داخلتها الريبة في هذا الاتهام وفي عناصر الإثبات المؤدية له وأضحت لا تطمئن إليها ، وهي ذات الواقعة التي حوكم عنها الملتمس بوصفه شريكاً فيها بطريق التحريض ودانته المحكمة عنها ، وكان الثابت أن أحكام البراءة التي صدرت لصالح الفاعلين الأصليين قد صدرت بعد الحكم بإدانته ، ولم تكن معلومة لديه وقت محاكمته ، ولم تُطرح على المحكمة التي قضت بإدانته ، فإنها بهذه المثابة تعد واقعة جديدة من شأنها أن تؤدي إلى ثبوت براءة الملتمس بوصفه شريكًا لفاعلين أصليين قُضي ببراءتهم ، ومن ثم تكون قد توافرت شروط تطبيق هذا الوجه من الحالة الخامسة من المادة 441 إجراءات جنائية ، ويكون طلب إعادة النظر قد تكاملت عناصره وتوافرت مقوماته مما يتعين معه قبوله ، والقضاء بإلغاء الحكم الصادر بتاريخ 20/6/2019 ضد طالب الالتماس في الجناية رقم 7758 لسنة ٢٠١٦ جنايات قسم أول العاشر من رمضان والمقيدة برقم 4633 لسنة ٢٠١٦ كلي جنوب الزقازيق ، وبراءة الطالب المحكوم عليه فيها .
فلهذه الأسباب :
حكمت المحكمة : بقبول طلب التماس إعادة النظر وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر بتاريخ 20/6/2019 ضد الملتمس ........... في الجناية رقم 7758 لسنة 2016 جنايات قسم أول العاشر من رمضان والمقيدة برقم 4633 لسنة 2016 كلي جنوب الزقازيق ، وبراءته مما أُسند إليه من اتهام فيها .