باسم الشعب
محكمة النقض 
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ بدر خليفة ( نائب رئيس المحكمة ) وعضوية السادة القضاة / الأسمر نظير خالد إلهامي ممدوح فزاع هاني صبحى نواب رئيس المحكمة وحضور رئيس النيابة العامة لدي محكمة النقض السيد / أحمد رفقي . وأمين السر السيد / نجيب لبيب محمد .
الحكم
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 17530 لسنة 88 القضائية .
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- ................................... في الجناية رقم 364 لسنة 2017 قسم القصير والمقيدة بالجدول الكلى برقم 153 لسنة 2017 .
بأنهم في يوم 7 فبراير ۲۰۱۷ بدائرة قسم شرطة القصير - محافظة البحر الأحمر . المتهمون جميعاً :-
جلبوا جوهراً مخدراً ( هيروين ) قبل الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإداري المختصة وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
المتهمون من الأول وحتى الخامس :-
وهم خارج البلاد ألفوا عصابة الغرض منها جلب جوهراً مخدراً ( هيروين ) إلى أراضي جمهورية مصر العربية بغرض الاتجار فيها داخل البلاد وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
المتهمون من السادس حتى الأخير :-
وهم داخل البلاد ألفوا عصابة الغرض منها جلب جوهراً مخدراً ( هيروين ) إلى أراضي جمهورية مصر العربية بغرض الاتجار فيها داخل البلاد على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات البحر الأحمر لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قررت في 9 يناير سنة ...... إرسال أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي فيما أسند إلى كلاً من ................. .
وبالجلسة المحددة قضت المحكمة المذكورة وبإجماع الآراء حضورياً من الأول حتى التاسع وغيابياً لباقي المتهمين عملاً بالمواد ۱ ، ۲ ، ۳ ، ۳۳ / ۱ بندي أ ، د ، ۲ ، 4۲ / 1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ ، والبند رقم ۲ من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة ۱۹۹۷ ، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبة كل منهم بالإعدام شنقاً وبتغريمه خمسمائة ألف جنيه ومصادرة كافة المضبوطات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 23 من إبريل سنة .......
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه  في 29 من إبريل سنة ........ موقعاً عليها.
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على نحو ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه - بمذكرة أسبابه -
أنه إذ دانه بجريمتي جلب جواهر مخدرة ( هيروين ) دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة وتأليف تشكيل عصابي لجلب ذلك المخدر قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بما تتوافر به أركان جريمتي جلب المخدر وتأليف تشكيل عصابي لجلب ذلك المخدر التي دانهم بها مطرحاً دفاعه في هذا الشأن بما لا يسوغ ، كما لم يدلل على توافر جريمة الاشتراك في تشكيل عصابي في حقه ودوره والأفعال التي اتاها وأسندها إليه على الرغم من خلو الأوراق مما يفيد قيام اتفاق بينه وأي من المتهمين الآخرين على هذه الجريمة والتي لا قيام لها إلا بتوافره ، وأن ما استند إليه الحكم من مجرد ضبط المتهمين من الأول إلى الخامس والمحادثة الهاتفية على هاتف المتهم السادس على علمهم بواقعة جلب المخدر الذي لا يوفر ذلك الاتفاق خاصة وأن الحكم لم ينسب إليه قيامه بدور إيجابي ينبئ عن قيام ذلك الاتفاق ، وافترضت المساهمة الجنائية في حقه دون بيان عناصرها والدليل عليه ، سيما وأنه لم يُضبط على مسرح الجريمة ولم يتسلم المخدر المضبوط مما ينفي امتداد سلطانه على المخدر الذي تم ضبطه ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على ثبوت واقعات الاتهام في حق الطاعن ، وما أسفرت عنه التحريات وأقوال مجريها ، وما أقر به المتهمين من الأول إلى الخامس ، وما ثبت من معاينة النيابة العامة للمركب المضبوط ، وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي ووزن النيابة العامة لجوهر الهيروين المضبوط . لما كان ذلك ، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال ، كما أنه من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكماً لسواه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تحريات الشرطة ليست كلها صحيحة وليست كلها لها سند من الأوراق وليس كل ما يشاع عن الناس يصادف الحقيقة والصدق فالواقعة الواحدة يختلف الناس في تفسيرها وفي رؤاهم عنها ، وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة ، إلا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام ، وهى من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد ، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعن ، دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها إلى مصدر التحريات تلك على نحو تمكنت معه من تحديده والتحقيق من ثم من صدق ما نقل عنه فإنها بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه ، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ، ولا يعصم الحكم من هذا البطلان ما أورده من أدلة - على نحو ما سلف ذكره - ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والمفردات أن إقرار المتهمين من الأول وحتى الخامس التي عول عليهم الحكم في إدانة الطاعن قد خلت من أي دليل يمكن التعويل عليه في إدانة الطاعن بجريمة الجلب او تأليف تشكيل عصابي ، هذا إلى أن الحكم - على ما سلف - لم يورد أية شواهد أو قرائن تؤدي بطريقة اللزوم إلى ثبوت مقارفة الطاعن لواقعة الجلب أو الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين على جلب المخدر وإدخاله لجمهورية مصر العربية ، فإن الحكم يكون فوق ما تقدم أخطأ في تطبيق القانون ، ولما كانت الدعوى صالحة للفصل فيها ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :-
 بقبول طعن المحكوم عليه .................. شكلاً وفي الموضوع ببراءته مما أسند إليهم من اتهام .
أمين السر         رئيس الدائرة